محب الله
الجنس : العمل/الترفيه : البصفح عبر النت وسماع القران المزاج : الحمد لله السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 03/01/2009
| موضوع: موجـز اعتـقـاد أهل السنة والجـماعـة 1 الإثنين ديسمبر 28, 2009 8:15 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً : قـواعـد عامة :
1- مصادر عـقيدة أهل السنة والجماعة : نظراً لأن عقيدة أهل السنة والجماعة توقيفية ، فهي تقوم على التسليم بما جاء عن الله وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - دون تحريف ، ولا تأويل ، ولا تعطيل ، ولا تمثيل . ولها مصدران أساسيان ، هما : أ – القرآن الكريم . ب – ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والإجماع المعتبر في تقرير العقيدة مبنى على الكتاب والسنة أو أحدهما .
والفطرة والعقل السليم : رافدان مؤيدان لا يستقلان بتقرير تفصيلات العقيدة وأصول الدين ، فهما يوافقان الكتاب والسنة ولا يعارضهما . وإذا ورد ما يوهم التعارض بين النقل والعقل ، اتهمنا عقولنا ، فإن النقل الثابت مقدم ومُحَـكـّم في الدين ، فتقديم عقول الناس وأرآئهم الناقصة على كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ضلال وتعسف .
2- ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإن كان من خبر الآحاد ، وجب قبوله .
3- ما اختلف فيه في أمور الدين فمردّه إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، ( الكتاب والسنة ) كما فهمها الصحابة والتابعون ، والتابعون لهم من أئمة الهدى المتبعين . فالمرجع في فهم نصوص العقيدة الواردة في الكتاب والسنة هم الصحابة والتابعون ، ومن اقتفى أثرهم من أئمة الهدى والدين ، ولا عبرة بمن خالفهم ، لأنه متبع غير سبيل المؤمنين .
4 - أصول الدين والعقيدة توقيفية ( قد بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن والسنة ) : - فإن كل محدثة في الدين بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، كما صح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم . - فليس لأحد أن يحدث أمراً من أمور الدين ، زاعماً أنه يجب التزامه أو اعتقاده ، فإن الله - تعالى - أكمل الدين ، وانقطع الوحي ، وختمت النبوة ، لقوله - تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [ سورة المائدة ، الآية : 3 ] . وقوله - صلى الله عليه وسلم- : " من أحدث من أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ " ، وهذا الحديث قاعدة من قواعد الدين ، وأصل من أصول العقيدة . - ومن اعتقد أنه يسعه الخروج عما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من شرع ودين ، فـقد خلع ربقة الإسلام من عنقه .
5 - يجـب التـزام الألفـاظ الواردة من الكتـاب والسنـَّة في العـقـيدة ، واجتـناب الألفــاظ المحدثة التي ابتدعها المتكلمون والفلاسفة وسواهم ، لأن العقيدة توقيفية، فهي مما لا يعلمه إلا الله - سبحانه .
6 - أمور العـقيدة غـيب ، ومبناها على التسليم بما جاء عن الله تعالى، وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - ظاهراً وباطناً ، ما عـقلناه منها وما لم نعـقله . فمن لم يُسلّم فيها لله - تعالى- ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ، لم يَسْـلـَم دينه . - والتسليم لله وللرسول - صلى الله عليه وسلم- يتمثل في التسليم بالكتاب والسنة .
7 - لا يجوز الخوض والجدل والمراء في العقيدة ونصوصها لأنها غيب ، إلا بقدر البيان وإقامة الحجة مع التزام منهج السلف في ذلك .
8 - لايجوز تأويل نصوص العقيدة ، ولا صرفها عن ظاهرها بغير دليل شرعي ثابت عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم .
9 - من لوازم العقيدة العمل بالشريعة : فالحكم بغير ما أنزل الله - تعالى - ينافي التوحيد والتسليم لله - تعالى - وللرسول - صلى الله عليه وسلم ، فالتزام غير شرع الله - تعالى - والعدول المطلق عنه أو تجويز الحكم بغير ما أنزل الله - تعالى - كفر أكبر ، أما العدول عن شرع الله في واقعة معينة لهوى أو إكراه مع التزام بشرع الله فهو كفر أصغر أو ظلم أو فسق !!
ثانـياً : قواعـد تفـصيلية :
1 - عقيدتهم في أسماء الله وصفاته : إثبات ما أثبته الله لنفسه ، وما أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - ونفي ما نفاه الله عن نفسه ، وما نفاه رسوله - صلى الله عليه وسلم- من غير تمثيل ولا تكليف، ( و لا تشبيه ) ، ولا تحريف ، ( ولا تأويل ) ، ولا تعطيل . كما قال - تعالى :
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [ سورة الشورى ، الآية : 11 ] . والله - تعالى - وصف نفسه ووصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه : سميع، بصير، عالم ، متكلم ، حيّ ، قدير، مريد ، وأنه مستوعلى عرشه ، فوق عباده ، وأنه - تعالى : يرضى ويسخط ، ويغضب ويحب ويكره ، ويجئ وينزل ، ويضحك ويعجب ، كما يليق بجلاله وعظمته ( مع الجزم بنفي التشبيه ) ، كما وصف نفسه - تعالى ووصفه رسوله - صلى الله عليه وسلم : بالنفس ، والوجه ، واليد ، والعين ، وغير ذلك مما جاء في القرآن وصحيح السنة ، فأهل السنة يصفونه بما وصـف نفسه ووصفـه به رسوله - صلى الله عـليه وسلم - من غـير تشبـيه ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولا تأويل .
2- عـقيدتهم في مسائل الإيمان وسائر المغـيبات :
ومن ذلك : أولاً : من أصول أهل السنة أن الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، ويشمل الإيمان بكل ما أخبر الله به في كتابه ، أو أخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم - من أمور الغيب والشهادة جملة وتفصيلا ، ومن ذلك : ( أ ) الإيمان بالله تعالى وتوحيده بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات .
( ب) الإيمان بالملائكة وأنهم عباد مُكرّمون ، لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما
يُؤمرون، وأنهم موكلون بعبادة الله تعالى ، ومنهم من له وظائف وأعمال أخرى ، من إنزال الوحي، وكتابة الأعمال، والمقادير، وقبض الأرواح ، ونصر المؤمنين ، وتسيير السحاب ، وإنزال المطر ، ومنهم حملة العرش . ... إلخ .
( جـ ) الإيمان بالكتب المنزلة من الله تعالى إلى رسله هداية للعباد ، ومنها : الزبور ، والتوراة ، والإنجيل ، والقرآن الكريم ، وهو أكملها وناسخها .
( د ) الإيمان بالأنبياء والمرسلين جميعاً ، ومن جاء ذكره منهم في القرآن الكريم وصحيح السنة ; وجب الإيمان به على وجه الخصوص ، وأنهم كلهم بلَغوا رسالات الله ودعوا إلى توحيده ، وحذروا من الشرك . { أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } [ سورة النحل ، الآية : 36 ] . وأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو أفضل الخلق وخاتم النبيين بعثه الله إلى الناس جميعاً ، وبموته - صلى الله عليه وسلم - انقطع الوحي وأكمل الله الدين .
( هـ ) الإيمان باليوم الآخر وأن الموت حق ، وبنعيم القبر وعذابه ، والبعث والنفخ في الصور ، والنشور والعرض ، والحساب والجزاء ، والصحف والميزان ، والصراط والحوض ، والجنة ونعيمها ، والنار وعذابها . ... إلخ . ويُؤمنون بالساعة وأشراطها ، ومنها : خروج الدجال ، ونزول عيسى- عليه السلام - وخروج المهدي ، ويأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة ، وغير ذلك مما ثبت في الأخبار .
( و ) الإيمان بالقـدر خيره وشره من الله - تعالى- وأن الله علم كل شيئ قبل أن يكون ، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ ، وأنه - تعالى – ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وأنه خالق كل شيئ ، وقد قدر الأرزاق والآجال ، والسعادة والشقاء ، والهداية والضلال ، وأنه - تعالى - فعـّـال لما يريد ، وأنه - تعالى - أخذ الميثاق على بني آدم وأشهدهم على أنفسهم أنه ربهم .
ثانـياً القـرآن : من أصول أهل السنة : أن القرآن الكريم كلام الله مُنزل غير مخلوق ، وأن من زعم أنه مخلوق فقد كفر .
ثالثـاً : الـرؤيـة ، وأن المؤمنون يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم من غير كيف ولا إحاطة .
رابعاً : الشفاعـة ، ويؤمنون بسائر الشفاعات التي ثبتت في القرآن والسنة بشروطها يوم القيامة ، وأعظمها شفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - العظمى لخلائق يوم القيامة ، وشفاعته - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر من أمته ، وغير ذلك من الشفاعات له - صلى الله عليه وسلم - ولغيره من الملائكة والنبيين والمؤمنين وغيرهم ، كما جاءت بذلك الآثار الصحيحة .
خامساً : الإسراء والمعراج - الإسراء إلى بيت المقدس ، والمعراج إلى السماء السابعة - وسدرة المنتهى ، ثابت للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - كما جاءت بذلك الآيات والأحاديث الثابتة .
3 – عقيدتهم في بقيـة الأصول والأحكام الاعتقادية :
أولاً : من أصول الدين عند أهل السنة : حبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يكون أحبّ للمرء من نفسه و ولده ، والناس أجمعين ، ثم حب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وزوجاته أمهات المؤمنين ، والترضي عنهم، وأنهم أفضل الأمة، والكف عما شجر بينهم ، وأن بغضهم أو الطعن في أحد منهم ضلال ونفاق . وأفضلهم - رضي الله عنهم جميعاً - أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم عليّ ، والعشرة المبشرون بالجنة .
كما يدين أهل السنة بحب آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويستوصون بهم خيراً ، ويرعون لهم حقوقهم ، كما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
ثانيـاً : مجانبـة أهل البدع والنفاق ، والأهواء ، وأهل الكلام ، وبغضهم ، والتحذير منهم ، كالرافضة ، والجهمية ، والخوارج ، والقدرية ، وغلاة المرجئة ، وغلاة الصوفية ، والفلاسفة ، وسائر الفرق والطوائف ، التي جانبت السنة والجماعة .
ثالثـاً : لزوم الجماعـة ، الاجتماع والاعتصام بحبل الله ، ( القرآن والسنة ) ، فإن الفرقة عن أهل الحق شذوذ وهلكة وضلال . قال تعالى : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا } [ سورة آل عمران ، الآية : 103] .
رابعـاً : وجوب السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف ، ما لم يأمروا بمعصية ، ولا يجوز الخروج عليهم ، وإن جاروا ، إلا أن يرى منهم كفرٌ بواحٌ عليه من الله برهان .
خامساً : وجوب النصيحة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم- ثم لأئمة المسلمين ،( و هم ولاة الأمور من الأمراء والعلماء ) وعامتهم .
سادساً : الجهاد مع الإمام - براً كان أو فاجراً ، وهو ( أي الجهاد ) من شعائر الدين وذروة سنام الإسلام ، وأنه قائم إلى يوم القيامة .
سابعاً : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول الدين ، ومن أعظم شعائر الإسلام ، وهو واجب على الاستطاعة .
ثامناً : أحكام المسلمين وحقوقهم :
1- من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وصلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأظه شعائر الإسلام ، فهو مسلم له ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم ، حرام الدم والمال والعرض ، وحسابه على الله ، واختبار مجهول الحال ، وإساءة الظن به ، أو التوقف في إسلامه بدعة وتنطع في الدين .
2 - لايجوز تكفير أحد من أهل القبلة بذنب يرتكبه ، إلا من جاء تكفيره بالكتاب والسنة ، وقامت عليه الحجة، وانتفت في حقه عوارض الإكراه ، أو الجهل ، أوالتأول . كما لا يجوز الشك في كفر من حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بكفره ، من المشركين واليهود والنصارى وغيرهم .
3 - لانجزم لأحد بجنةٍ أو نار إلاّ من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم .
4 - ومرتكب الكبيرة في الدنيا فاسق وعاص ، وفي الآخرة تحت مشيئة الله ، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له ، ولا يُخلد في النار، ونرجو للمحسن، ونخاف على المسئ .
5 - الصلاة خلف أئمة المسلمين - برهم وفاجرهم - والجهاد معهم ، والصلاة على من مات على الإسلام من أهل القبلة برهم وفاجرهم .
6 - وجوب الحب في الله، والبغض في الله، ومن ذلك الولاء للمؤمنين الصالحين ، والبراء من المشركين والكافرين والمنافقين، وكل مسلم له من الولاية بقدرما لديه من الإيمان والاتباع للرسول- صلى الله عليه وسلم- ، ومن البرآءة بقـدر ما فيه من فسـق ومعصية . 7 - كرامات الأولياء حق ، وليس كل كرامة دليلاً على التوفيق والصلاح ، إلاّ لمن كان على هدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظاهراً وباطناً . وقد تكون الكرامة ابتلاء ، وليس كل خارق يكون كرامة . والله أعلم .
( 2 ) الاعتصام بعـقيدة أهل السنة والجماعة أمر متعـين
لئن كانت عقيدة أهل السنة والجماعة مستمدة من كتاب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فهذا يعني أنها الأسلم والأعلم والأحكم ، وهذا يعني - أيضاً - أنها بالضرورة هي الأولى بالاتباع ، وأن التزامها متعين ، لأنها الحق ، والحق أحق أن يُتبع ، فهي العروة الوثقى والدين الخالص ، والصراط المستقيم ، وهي وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهي سبيل المؤمنين ، والله تعالى توعد من خالف الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، واتبع غير سبيلهم ، فقال الله تعالى :
{ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } [ سورة النساء ، الآية : 115 ] .
وسبيل المؤمنين لاشك أنه سبيل الصحابة والتابعين ، والقرون الفاضلة في الدين ، الذين أثنى الله عليهم ، وأثنى عليهم المعصوم - صلى الله عليه وسلم- وأمرنا باتباعهم . كما أن مخالفة غير سبيل المؤمنين مشاقة لله تعالى ، ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - كما ورد في الآية نفسها .
وإذا كان الأمر كذلك ، فإن التمسك بهذه العقيدة الحق ، عقيدة أهل السنة والجماعة ، أمر متعين شرعاً ، بأمر من الله تعالى ، وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، قال الله تعالى :
{ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ } [ سورة الأعراف ، الآية : 3 ] .
وقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سيكون بعده اختلاف وافتراق كثير، وأن الحق مع المتمسكين بسنته ، وسنة الخلفاء الراشدين ، حيث قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث العرباض : " اتقوا الله وعليكم بالسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً ، وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة " . ولا ريب أن الذين تمسكوا بسنته - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين ، واجتنبوا البدع هو أهل السنة والجماعة . وقال - صلى الله عليه وسلم : " لقد جئتكم بها بيضاء نقية فلا تختلفوا بعدي " .
وقال - صلى الله عليه وسلم : " لقد تركتم على مثل البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك " .
والبيضاء هي عقيدة أهل السنة والجماعة ، وسائر ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الشرع والدين ، حيث لم تتغير ولم تتبدل منذ عهد السلف في القرون الفاضلة حتى اليوم ، بألفاظها وأسانيدها ، كما جاءت في القرآن والسنة ، وكما تلفظ بها أئمة الهدى . بخلاف معتقدات المتكلمين من المعتزلة ثم الأشاعرة والماتريدية والكلابية ، ونحوهم ، فإنك تجد الكثير من ألفاظهم ومعتقداتهم لا يطابق في لفظه ومعناه ما جاء عن أئمة السلف في القرون الفاضلة - إلا القليل - ولا تجد - كثيراً مما يعتقدونه مسنداً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعين ، وبخاصة في مسألة الصفات والقدر ، بل لا تجدهم - في الغالب - متفقين على لفظ ولا معنى في المسائل التي ابتدعوها . فلتراجع كتبهم ، ففيها البرهان على ذلك ، والله المستعان .
( 3 ) حـقيـقـة انتساب الجمــاعات المعــاصرة إلى أهل السنة والجماعة ومستلزماته
إن المتأمل لواقع الدعوات والحركات الإسلامية القائمة اليوم يجد أن غالبها يدعي الانتماء إلى أهل السنة والجماعة . وهذه الدعوى ( ترويجية ) قد يدعيها الصادق والكاذب ، ويدعيها من لا يعي معناها وهو الأغلب ، فمثلها كمثل ادعاء الإسلام من قبل سائر الفرق التي نشات في الإسلام حديثاً وقديماً ، فكما أن الرافضة تدعي الإسلام - والإسلام منها براء - وكذلك الجهمية والخوارج و الباطنية ، وغلاة الصوفية ، وغلاة الفلاسفة ... وكذلك القاديانية ، والبهائية ، والبريلوية ، والبهرة ، و النصيرية ، والإسماعيلية ، وغيرهم كثير ، كل هؤلاء يدعي الإسلام ، وربما بعضهم يدعي أنه وحده الجدير بالإسلام . فكما توجد هذه الدعوى ; كذلك توجد دعوى الانتساب إلى أهل السنة والجماعة من الكثيرين من الدعاة والحركات والدعوات المعاصرة ، مع الفارق في نوع الدعوى . ولا شك أن منها - أعني الدعوات والحركات المعاصرة - ما هوجدير بالانتماء لأهل السنة، ومنها ما هو بعيد منها كل البعدعن أهل السنة ، ومنها من يعني بأهل السنة ، الأشاعرة أو الماتريدية ، ونحوهم من الفرق التي هي أقرب إلى أهل السنة في الجملة ، ومنها من لايدري ما يعني تماماً ، ومنها من لا يهمه إلى أي عقيدة ينتمي .
هذا وسأذكر - بإيجاز - أهم ما يحضرني من المستلزمات التي تترتب على الانتماء لأهل السنة والجماعة ، فمن ذلك :
1 - من أهم ما يلزم لمن انتمى إلى أهل السنة - لا سيما إن كان داعية - أن يتعلم عقيدتهم ، وأن يتشبع بها ، ويكون ملماً بأصولها في الجملة، وأن يطلب العلم الشرعي ، ويتفقه في الدين على العلماء والمشايخ ، ليدعو على بصيرة وهدى ، وأن يوجه أتباعه إلى أخد العلم الشرعي عن المشايخ .
2 - وبعد ذلك ، لابد أن يدعو إليها ويبينها للناس ويذود عنها ، لأنها الحق . 3 - كما يتحتم على من انتمى لعقيدة أهل السنة والجماعة وهو داعية ، أن يُظهر أثرها على أفكاره وأهدافه ، وأقواله وكتاباته ، بل وعلى سلوكه وأعماله ، بحيث يكون ملماً بتفصيلاتها في العموم ( في الأصول) ، كالإيمان ، والتوحيد ، والأسماء ، والصفات ، والقدر، وحقوق الصحابة ، وأن يكون متمسكاً بالسنن والأخلاق الفاضلة ، والهدى النبوي ، وعليه سمة السلف مخبراً ومظهراً .
4 - ويجب على الداعي أن يقتفي منج أهل السنة في الدعوة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم ، وتربية الدعاة والمنتسبين للدعوة على ذلك بكل حزم وقوة .
5 - ولابد للمنتسب لأهل السنة أن يوالي دعوتهم ودعاتهم وأئمتهم الماضين و المعاصرين ، وذلك مثل : دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، ومن سار على نهجها من جماعات وأفراد ، فهي أطهر الدعوات المعاصرة التي سلكت سبيل أهل السنة والجماعة ، مُعـتـقَداً وسلوكاًً في العصر الحاضر ، لذلك تنبغي موالاتها من قِــَبل كل من ينتسب لأهل السنة .
( 4 ) أمثلة لواقـع الدعـوات المعـاصرة حيال عـقيدة أهل السنة
وحيث أن هذه المستلزمات تحتاج إلى تطبيق على الواقع لتبيين الماراد منها ، فإني أبيّن شيئاً من الأمثلة بما عليه كثير من الدعوات والحركات على وجه العموم ، من مخالفات بينة لعقيدة أهل السنة اعتقاداً ومنهجاً وسلوكاً . وخوفي من مغبـّة التشهير، ومظنة الشماتة بالآخرين ، يجعلني أعرض شيئاً من الأخطاء ، دون ذكر للأسماء أو العناوين ، انطلاقاً من قاعدة ( ما بال أقوام ) . وسأطرح بعض التساؤلات حول واقع الدعوات ومواقفها حيال هذا الأمر العظيم ، فأقول : * كيف ينتمي لأهل السنة من يؤَول صفات الله ، ويقول على الله بغير علم ، ويقع فيما حذر منه السلف من تقديم العقل على كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - في صفات الله والقدر وسائر أمور الغيب ؟! إن بعض الدعوات القائمة ، تقوم على هذا الأساس ، وتدعي أنها هي أهل السنة .
* ثم كيف ينتسب لأهل السنة من يرى أن الطرق الصوفـية المبتدعة منهجاً سليماً للدعوة ؟!
* والعجب كل العجب .. أن يدعي الانتساب لأهل السنة من الدعاة من يدافع عن البدع أو يروج لها أو يرضى بها ، أو يرى أن أمرها يسير ، وانها ليست من مسائل الدين المهمة ، مثل بدع الموالد ، والاحتفالات الدينية البدعية ، وأين هذا من عقيدة السلف ، لإن من الدعاة من يعمل هذه البدع ، ومنهم من يستهين بأمرها ويهون من خطرها .
* والأدهي من ذلك أن يوجد من الدعاة الكبار الذي ينتمون إلى حركات إسلامية مشهورة من يتمسّح بالقبور والأولياء من الأموات والأحياء ، ويطلب منهم كشف الضرّ ، وجلب النفع ، ويلجأ إليهم في السراء والضراء ! .
* وكيف يدعي رفع شعار أهل السنة من يتصدّر للدعوة وهو لا يعرف عقيدة السلف ، وربما سُئل أحدهم عن بدهيات العقيدة فلا يُجيب ، وإن أجاب خلط ! .
* وهل يكون من أهل السنة من لم يكف لسانه ولا قلمه عن التعرض بالنقيصة واللمز أو السباب لبعض الصحابة ، والتابعين وأئمة الهدى المعتبرين وسلف الأمة الماضيين ، خاصة علماء السنة والحديث ؟!! .
* وهناك - مع كل أسف - من كبار الدعاة أو ممن يزعمون أنهم دعاة من يُؤخر الصلاة الفريضة عن وقتها دون ضرورة ، أو لا يهتم بصلاة الجماعة ، ومن يستحل أكل الربا ، ومن يستحل سماع الأغاني والموسيقى ، أو يقتني الصور المجسّمة ، أو يدخّـن ، ومنهم من يحلق لحيته ( دون ضرورة ) . أو يتشبه بالكفار في لباسه ومظهره وسائر تصرفاته المعاشية ، ومنهم من لا يهتم بالحجاب الشرعي للنساء ، أو يقرّ الاختلاط المحرم ويرضى به.. إلخ من الأمور التي تخل بالدين، أو تجرح العدالة ، أو تنافي الفضيلة ، ولا ُتقبل ممن يتصدر الدعوة ويكون قدوة .
* وهل يجوز أن ينتسب لأهل السنة من لا يجعل من أهدافه وأهداف دعوته تعلم وتعليم عقيدة أهل السنة ، ورفع لوائها ، والدعوة إليها ، والدفاع عنها ؟! لأنها هي النهج السليم والصحيح للإسلام .
* بل كيف يكون من أهل السنة من يجعل من أهدافه تحاشي التظاهر باعتقاد أصول أهل السنة ، وتحاشي الرد على الفرق المخالفة ، وبدع المبتدعين بدعوى تفادي إثارة الخلافات بين المسلمين .
* ومن الدعاة من يسعى إلى جمع المسلمين على غير كلمة سواء ، إنما على ما افترقوا به من اختلاف المعتقدات والضلالات والبدع ، كحاطب ليل ! ولا شك أن جمع كلمة المسلمين هدف عظيم ، بل هو من أعظم أصول الدين ، ولا ينكره إلا ضال أو جاهل ، لكن جمع المسلمين يجب أن يكون على الحق ، وعلى الكتاب والسنة ، والاعتصام بالله ، لا على مجرد الشعارات الإسلامية الفارغة من الاعتقاد الحق .
* ومنهم من يستهين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومناصحة ولاة الأمور ، ويزعم أن هذا من القشـور والتوافه ، وهذا مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة وأصولهم ، كما أسلفت .
وأخيراً ... فإن هذه الأمور التي أشرت إلي شيئ منها ليست في واقع الدعوة اليوم مجرد ظواهر أو تصرفات فردية ، بل هي سمات ومواقف ومناهج وأهداف ، وسلوك عام لدى بعض الجماعات والدعوات والدعاة .
وأشعر أن واجب النصح يتطلب مني أن أفصّـل في الأمر أكثر من ذلك ، وأن أبرهن على ما أدعيه ، لكن هذا لم يتأت لي في هذه العجالة ، ولكني عازم - بإذن الله - على أن أفعل - إن تمكنت - ، كما إني متيقن أن هناك من هو أقدر مني وأجدر مني بذلك ، لكني أشعر أن هذا لا يمنع أن أسهم بما أستطيعه وما يسعني . والله الموفق
م/ن | |
|
أبو أنس السكندرى
الجنس : الموقع : http://www.h-alrhman.com/vb/index.php العمل/الترفيه : عبد من عباد الله المزاج : الحمد لله السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 12/12/2008
| موضوع: رد: موجـز اعتـقـاد أهل السنة والجـماعـة 1 الخميس ديسمبر 31, 2009 8:45 pm | |
| جزاك الله خيرا وبارك الله فيك | |
|