الهدى النبوى
الجنس : السٌّمعَة : -1 تاريخ التسجيل : 11/12/2008
| موضوع: السلفيون ودخول الحجاب إلى القصر التركي الأحد ديسمبر 06, 2009 8:22 pm | |
| السلفيون ودخول الحجاب إلى القصر التركي كتبه/ عبد المنعم الشحات الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، ما هو شعورك تجاه وصول "جول" إلى القصر الرئاسي التركي، ودخول زوجته "خير النساء" كسيدة للقصر بحجابها (التركي طبعاً)، وهو القصر الذي لم تدخله امرأة محجبة منذ عصر أتاتورك حتى لو كانت زائرة، وحتى لو كان حجابها مجرد غطاء للرأس؟ أظن أن معظم إخواننا ربما يجد نفسه مضطراً أمام هذه الظاهرة إلى أن يكتم فرحته العفوية التلقائية التي قفزت إلى قلوب معظم الملتزمين بدين الله لما يرونه من تنامي الظاهرة الإسلامية في كل الدنيا، ومن اضطرار جحافل العلمانية إلى التعامل معها كواقع لا يمكن تجاهله، واضطرارهم إلى الانتقال من المواجهة إلى محاولة الاحتواء. أسباب الفرحة كما ذكرنا عفوية وتلقائية، ولا تحتاج إلى كبير عناء لمعرفة دوافعها وروافدها، وهي فرحة عمت كل الدعاة إلى دين الله على اختلاف أطيافهم، إلا أن من أظْهَرها وفرح بها فرحاً مضاعفاً هم الذين يسلكون نفس مسلك حزب العدالة وغيره من الأحزاب الإسلامية التي ترى لزوم مهادنة العلمانية ومحاولة التوفيق - أو بمعنى آخر التلفيق - بينها وبين الإسلام، فلا شك أن هؤلاء يرون في نجاح حزب العدالة في الجمع بين رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء في تركيا هو نجاح لمنهجهم وطريقتهم. وأما السلفيون ومن يشاركهم الرأي في عدم مشروعية الدخول في التجربة البرلمانية في ظل مظلة علمانية، فربما وجدوا فرحاً في قلوبهم بادئ الأمر، إلا أنهم يرون أن هذا الفرح عليه تحفظات عديدة. فلابد من التفرقة بين الفرحة لتنامي الصحوة الإسلامية، وبين ما اختلط بذلك من أمور غير شرعية لا يجوز إلا بغضها والاعتراض عليها وعدم الرضا بها، لاسيما وأن حزب العدالة الإسلامي بأسره وجول نفسه أقسم على المحافظة على علمانية البلاد، ودافع عن حجاب زوجته بأنه حريتها الشخصية، ولم يشأ أن يتطرق مطلقاً إلى كونه فريضة ربانية. ومعلوم أن الحكومات "الإسلامية" المختلفة التي حكمت تركيا بداية من حكومة "أربكان"، ومن جاء بعده التزمت باستخراج تصاريح البغاء للبغايا، بل إن إلغاء تحريم الزنا قد سنه البرلمان الذي يسيطر عليه حزب العدالة.(1) ومن الطرائف أن "أردوغان" قد صدق بصفته رئيساً للوزراء على قرار الجيش بإحالة عدد من الضباط إلى التقاعد لميولهم الإسلامية تجنباً للصدام مع الجيش. وقائمة الأعمال العلمانية لحزب العدالة طويلة جداً لا تخفى على أحد، ولكن المدافعين عن حزب العدالة وغيره ممن يتبنون هذا الاتجاه يرون أن هذه المرحلة لا بد فيها من التعامل مع العلمانية، حيث أن العلمانية والغرب من ورائهم لن يسمحوا مطلقاً للإسلاميين بالتواجد إلا تحت مظلتهم. وموقفنا من هذا الاتجاه واضح، في أنه لا يُسمح بالمداهنة في مجال الدعوة، لاسيما وأن الداخلين في هذه اللعبة يزعمون أن ما يقولونه ويفعلونه هو من الدين، مما يجعل الدين ألعوبة في يد كل متلاعب، ومما يفقد الناس الثقة فيما ينسب إلى الدين، هل هو فيه بالفعل، أم أنها المساومات السياسية؟ وهل يمكن أن يُفتَى في بلد شديد التطرف في العلمانية بجواز استخراج الموظف المسلم لتصريح البغاء للبغايا مثلاً، ويعلل هذا بأنه ليس للحكومة الإسلامية شرعاً أن تمنع من أرادت أن تمارس الفاحشة بالقوة، وإنما غاية ما تملك هو نصحها، بينما يُفتَى في بلد آخر أقل تطرفاً في تطبيق العلمانية - كالكويت مثلاً- بوجوب سعى النواب الإسلاميين إلى منع الحفلات الماجنة؛ لأن من واجبات ولي الأمر الأخذ على أيدي الفاسقين، وينسب هذا وذاك إلى الشرع. وماذا سيجنى الإسلام إذا ما وجه أبناؤه المخلصون كل جهودهم ليصلوا إلى سدة الحكم، ويطبقوا هم العلمانية بأيديهم حتى وإن عملوا على كبح جماح غلوها شيئاً فشيئاً؟ ومن الذي يضمن لنا عدم تشبع الأجيال الشابة من هذه الأحزاب الإسلامية بهذه الأفكار العلمانية التي يَرَوْن قادتهم يطبقونها، بل وينسبون الكثير منها إلى الإسلام. هذا هو رأينا وهذا هو منهجنا لن نحيد عنه -بإذن الله-، وسنظل ندعو المسلمين جميعاً إلى أن تتوحد جهودهم في دعوة ربانية مباركة يحيون فيها معاني العقيدة في النفوس، ويتبرءون فيها من كل باطل من أول يوم من دعوتهم، كما كانت دعوة النبي – صلى الله عليه وسلم- و شعارها "لا اله الا الله" إثباتاً للإلهية لله -عز وجل- ونفيها عن كل الآلهة الباطلة. ومع هذا فالواقع يقول: إن كثيراً من الإسلاميين الذين نحسبهم مخلصين، ونرجوا أن يكون عملهم من أجل دين الله - نحسبهم كذلك والله حسيبهم- سيظلون يرون الخوض في غمار التجربة السياسية تحت المظلة العلمانية، وأنهم يحققون في بعض الأحيان انتصارات في هذا الميدان. فهل يمكننا معشر السلفيين أن نفرح بهذه الانتصارات؟ وهل يسعنا أن نبدي هذا الفرح حال وجوده، أم أن هذا الفرح غير المشروط يعتبر رضا عن خوض ذلك الميدان الذي لا نرى شرعيته؟ والواقع أنك متى تدبرت قوله -تعالى- (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ (2) علمت أن قاعدة الولاء والبراء تجعلك تفرح لكل انتصار يحققه من كان أقرب إلى الحق على من كان أبعد عن الحق، وإن كان الفريقان في ضلالٍ بيِّن وكفرٍ مستبين، فما بالك إذا كان أحد الفريقين مسلماً والأخر كافراً؟ ولذلك فلا تخفي أخي السلفي فرحتك بوصول رئيس إسلامي إلى القصر الرئاسي التركي، وإن كان إسلامياً علمانياً. ولا تخفي فرحتك بدخول الحجاب إلى القصر الذي سن سنة خلع الحجاب في قصور حكام المسلمين، وإن كان حجاباً تركياً. ولكن الحذر من أن تتحول القصة إلى إعجاب غير مشروط، ومن ثَمَّ التحول إلى منهج يخالف منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله، بل ويخالف السنة الكونية والتجارب التاريخية التي أثبتت أن محاولة الانقلاب السلمي على العلمانية من داخل قصور الرئاسة وأروقة الوزارات غير مسموح بها في البلاد التي يحمي فيها الجيش بنفسه العلمانية، وحتى إن توانى الجيش فثمة جيوش أخرى وأساطيل تجوب البحار والمحيطات بحثاً عن الإرهابيين الذي يهددون النظام العالمي الجديد. فلا يمكن أن تثبت أمامها إلا قلوب مؤمنة متمسكة بدينها وعقيدتها، وليس شعوب تغلب عليها المعاصي وحب الدنيا، وما اختاروا الإسلاميين إلا بعاطفة إسلامية عامة دون عقيدة راسخة واستعداد لأن يغيروا أنفسهم، ويضحوا من أجل دينهم، وربما اختاروا الإسلاميين لغرض دنيوي محض لأن الإسلاميين يتقون الله في الأموال العامة مما ينعكس بالتحسن على الاقتصاد وعلى معيشة الناس، وهم في ذات الوقت يؤيدون العلمانيين في التصدي لمحاولة فرض الإسلاميين الالتزام بدين الله، حتى وإن كان ذلك عن طريق العقوبات والحدود الشرعية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1- لا نشك أن سن قوانين الكفر هي أعظم مفسدة من كل ما يمكن أن يترتب عليها من مصالح كدخول الاتحاد الأوروبي أو سكوت العلمانيين في الجيش عنهم، أو غير ذلك، فهذا ليس بإكراه شرعاً بأي اعتبار، وهو استحلال صريح لما حرم الله، ولولا التأويل لكان لمن فعله وصَوَّت عليه حكم آخر.(د.ياسر برهامي) 2- والصحيح أن فرح المؤمنين بنصر الله هو فرحهم بنصر الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بتحقيق صحة ما أخبر بوقوعه في بضع سنين، وهذا إظهار لنبوته -صلى الله عليه وسلم-، ونصر له على من خالفه، أو أنه فرحهم بنصر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- على يهود خيبر الذي تزامن مع ظهور الروم على الفرس، فيكون في الآية معجزة ثانية بالإخبار بأن ذلك اليوم سيكون فيه نصر للمؤمنين على عدوهم.(د.ياسر برهامي)
| |
|