السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على نبينا محمد صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم المبعوث رحمة للعالمين و إمام المتقين و سيد الخلق أجمعين أما بعد :
الطب النبوي و السموم و كيفية العلاج السليم من آثارها
ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم : ( من تصبح بسبع تمرات ) و في لفظ ( من تمر العالية لم يضره ذلك اليوم سم و لا سحر ) .
روى البخاري في كتاب الطب ذكر عبدالرزاق عن معمر عن الزهري عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك : أن أمرأة يهودية أهدت إلى النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم شاة مصلية بخيبر ، فقال : ( ما هذه ) قالت : هدية ، و حذرت أن تقول : من الصدقة ، فلا يأكل منها ، فأكل النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم و أكل الصحابة ، ثم قال ( أمسكوا ) ، ثم قال للمرأة : ( هل سممت هذه الشاة ) قالت : من أخبرك بهذا قال : ( هذا العظم لساقها ) و هو في يده قالت : نعم . قال : ( لم ) قالت : أردت إن كنت كاذبا أن يستريح منك الناس ، و إن كنت نبيا لم يضرك ، قال : إحتجم النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم ثلاثة على الكاهل و أمر أصحابه أن يحتجموا فاحتجموا فمات بعضهم .
و في طرق أخرى : أحتجم رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم على كاهله من أجل الذي أكل من الشاة ،و حجمه أبوهند .
و بقى بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي توفي فيه ، فقال ( مازلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر حتى كان أوان إنقطاع الأبهر مني ) فتوفي رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم شهيدا .
فأراد الله سبحانه و تعالى من تكميل مراتب الفضل كلها له فأكرمه بالشهادة و هنا ظهر سر الأعجاز القرآني في قوله لليهود عليهم من الله ما يستحقون : ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم إستكبرتم ففريقا كذيتم و فريقا تقتلون ) فجاء بلفظ كذبتم بالماضي الذي وقع منه و تحقق و جاء بلفظ تقتلون ( بالمستقبل الذي يتوقعونه و ينتظرونه ) .
فهنا نجد من الطب النبوي الوقائي :
ففي الحديث الأول نجد التمر ضد السم و السحر و خير علاج له أي بمعنى أنه من داوم على أكل التمر صباحا كل يوم لا يضره السم و السحر إلا أن يشاء الله .
و معلوم لدينا ما للتمر من الفوائد الصحية و ما تحنيك الطفل الرضيع من اليوم الأول أو الساعات الأولى من خروجه من بطن أمه لخير دليل كما جاء في الأحاديث الشريفة الدالة على ذلك .
فهذا من الطب الوقائي للنبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم فالتمر من منقيات الدم و يرفع من الجهاز المناعي للشخص و مقوي للكبد ملين للطبع ، و لهذا دلنا النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم إلى أكله و أنه خير طعام و حديث عائشة الصديقة بنت الصديق أنها يمر على بيت النبوة الهلال ثم الهلال ثم الهلال و لا يوقد في بيوتهم نار فكان طعامهم الماء و التمر ، و ثبت عنه صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم ( بيت لا تمر فيه جياع أهله ) .
و في الحديث الثاني : الحجامة و السم ، نجد النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم أنه أحتجم من بعد ما أكل من الشاة المسمومة و كيف أنه أمر الصحابة بالحجامة للوقاية و العلاج من السم ، فقد أحتجم على الكاهل ( ما بين الكتفين ) يقول شيخ الإسلام إبن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد ( الطب النبوي) و لما أحتجم في الكاهل و هو أقرب ما يكون للقلب التي يمكن فيها الحجامة للقلب ، فخرجت المادة السمية مع الدم لا خروجا كليا بل بقى أثرها مع ضعفه لما يريد الله سبحانه تعالى من إكرام النبي صلى الله عليه و آله و صحبه وسلم فضل الشهادة في سبيله فالكاهل أقرب المواضع التي يمكن فيها الحجامة للقلب ، و الكاهل في اللغة العربية من حيث التعريف ( بين الكتفين أعلى مقدم الظهر عند ألتقاء الرقبة ، و ليس منتصف الظهر كما يدعي البعض و نجد في الأمثال الشعبية ( أنا شايل أو حامل ثقل على كاهلي ) و معلوم أن حمل الأثقال يكون على الكتف ، ليس عند منصف الظهر أسفل منه .
فيكون معالجة السم بالأستفراغ أو الأدوية التي تعارض و تقاوم فعل السم و تبطله أو تضعف قوة السم و مفعوله ، فإن لم يجد ذلك فعليه بالحجامة و هي أنفعها لما فيها من الإستفراغ الكلي و سحب السم من الدم ، و بما أن السم أكل أو شرب سيمشي مع الدم و يجري معه إلى القلب و منه إلى جميع أعضاء البدن و هنا سيتأثر القلب منه و أسرع العلاجات له الحجامة كما فعله نبينا محمد صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم و هنا سر الأعجاز النبوي و الطب النبوي أو الطب الرباني الذي يوحيه الله إلى نبيه لما ينفعه لا يضره .
فالحجامة خير علاج فعلي أو وقائي و أسهل علاج و أرخص علاج فعال نستعمله على أصوله ، فالذي يداوم على الحجامة بفترات متقاربة في الشهر مرة سنجد لدى ذلك الشخص أن الجهاز المناعي في أكمل صورة له و أن الأعضاء بالذات التي تعمل كمصفية مثل الكبد و الكلية و غيرهما في قوة نشاطهم و هي تعمل على سحب كل السموم الضارة بالإنسان ، فهذه رحمة الله لنا و نعمة من الله العلي القدير أن أرسل لنا هذا النبي الأمي أن بين لنا فضل الحجامة و أنها من خير الأدوية و العلاجات التي نتداوى بها و نتعالج بها.
فحري بنا نحن المسلمون أن نتمسك بهذا الطب الرباني و نسعى لنشره و نقول للعالم أجمع أن نبينا أرسل رحمة للعالمين فهو المبعوث رحمة للعالمين و ليس كما يطلقه علينا من يريد بنا الشر أن ديننا دين الأرهاب و الغلظة فهذا باطل ، رحمة للأنس و الجان و الشجر و الدواب ، و لو راجعنا سيرة هذا النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم لوجدنا الخير كله .
فالسم المذكور في الحديث لا نجد سم معين سواء من الهوام أو الدواب و إنما نجد جميع السموم بأنواعها من الهوام أو الدواب أو النباتات أو حتي الطعام الملوث أو الشراب ، لم يحدد لنا النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم سم معين .