فما أنت قائل أيها الحبيب...
آدم -عليه السلام- يقول: لست هناكم ائتوا نوحاً.
نوح -عليه السلام- يقول: لست هناكم ائتوا إبراهيم.
إبراهيم -عليه السلام- يقول: لست هناكم ائتوا موسى.
موسى -عليه السلام- يقول: لست هناكم ائتوا عيسى.
عيسى -عليه السلام- يقول: لست هناكم ائتوا محمداً.
فإذا أتوا محمد -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أنا لها) متفق عليه.
فلتفخر أيها الحبيب انك منسوب إلى امة قائدها وإمامها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
أيها المسلم الحبيب...
أرأيت نبياً يبكي شفقة على أمته ويدعو ربه وهو يبكي: (اللهم أمتي أمتي) رواه مسلم، إنه نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
يقول عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: (إن النبي -صلى الله عليه وسلم- تلا قول الله -عز وجل- في إبراهيم -عليه السلام-: (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي)(إبراهيم:36)، وقال عيسى -عليه السلام-: ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(المائدة:118)، فرفع يديه فقال اللهم أمتي أمتي. وبكى فقال الله -تعالى-: يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيه؟ فأتاه جبريل فسأله فأخبره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما قال فقال الله لجبريل: اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك) رواه مسلم.
فالله أكبر أيها الحبيب من كمال شفقة النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمته واعتنائه بمصالحهم واهتمامه بأمرهم، وهذا بيان لعظم منزلة النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الله العظيم.
بل انظر أيها الحبيب... إلى نبينا وحبيبنا كيف خبأ دعوته ليوم القيامة وكل نبي طلبها في الدنيا، فهذا جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- يقول عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لكل نبي دعوة قد دعا بها في أمته وخبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة) متفق عليه.
ومن كمال شفقته -صلى الله عليه وسلم- على أمته دوام نصحه لهم:
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي يقعن في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار هلم عن النار فتغلبوني فتقتحمون فيها) متفق عليه.
ألا يستحق هذا النبي أن يتبع ولا يترك؟! ألا يستحق هذا النبي أن نتمثل بسنته، وأن نمارس كل نواحي حياتنا على أساس من اتباعه -صلى الله عليه وسلم-، وهو الذي هداه الله -تعالى- وارتقى أعلى مراتب العبودية؟! (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)(الأنعام:161-163).
هذا النبي أيها الحبيب...
الذي هو فرطنا على الحوض، وآخذ لنا طريق النجاة، يمد لنا -صلى الله عليه وسلم- يديه بالماء من حوضه لنشرب شربة لا نظمأ بعدها أبداً، فلقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (أنا فرطكم على الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً) متفق عليه.
انظر أيها الحبيب وافخر... بشجاعة نبيك -صلى الله عليه وسلم-، فهذا أنس بن مالك -رضي الله عنه- يصف لنا من شجاعة نبينا الحبيب -صلى الله عليه وسلم-، فيقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وكان أجود الناس وكان أشجع الناس ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبي طلحة عري في عنقه السيف وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا وقال: وجدناه بحراً أو إنه لبحر وكان فرسا يبطأ) متفق عليه.
انظر أيها الحبيب وافخر... بجود نبيك -صلى الله عليه وسلم-، ولقد قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة) متفق عليه.
وانظر أيها الحبيب وافخر... بسخاء حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فلقد قال جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال لا) متفق عليه.
وانظر أيها الحبيب وافخر... بطيب ريح النبي -صلى الله عليه وسلم- ولين مسه، فلقد قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (وما مسست ديباجة ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت مسكا ولا عنبرة أطيب من رائحة النبي صلى الله عليه وسلم) متفق عليه.
فلتفخر أيها المسلم الحبيب... ولا أدري بأيها أفخر: بشفقته ورحمته -صلى الله عليه وسلم-، أم بشجاعته -صلى الله عليه وسلم-؟! أم بجوده وسخائه -صلى الله عليه وسلم-؟! أم بطيب ريحه -صلى الله عليه وسلم-؟! أم بغير ذلك من الخلال التي جمعت لنبينا وحبيبنا -صلى الله عليه وسلم-؟! وفوق كل ذلك لك أن تفخر بحسن خلق نبيك -صلى الله عليه وسلم-، ولقد قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً) رواه مسلم، وهذا مصداقاً لقول ربنا -تبارك وتعالى-: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(القلم:4).
أيها المسلم الحبيب...
ما بالك لو جلست في مجلس جمع فيه من أصحاب الديانات السابقة، فما حالك مع هؤلاء وأنت نبيك -محمد صلى الله عليه وسلم- وأنت تنتسب إلى هذه الأمة المحمدية التي قائدها وإمامها خير من وطأت أقدامه الأرض، فحري بك أن تفخر.
ولكن قل لي بربك؟
لو كان مجلساً جمع فيه من الأنبياء، فما حال نبيك صلى الله عليه وسلم بك؟
أيفخر بك أمام الأنبياء، ويقول: هذا من أمتي؟
أيفخر بك إمام الأنبياء ويقول: هذا من أتباع سنتي؟
أيفخر بك إمام الأنبياء ويقول: هذا يسير على منهجي؟
أم أنه يقول: (سحقاً سحقاً لمن غير بعدي) متفق عليه.
أيها الحبيب...
فحق للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن يباهي بنا الأمم.
فإياك ثم إياك وخذلان نبيك -صلى الله عليه وسلم-.
كن أهلاً أن تكون من أتباعه ومن ناصري منهجه وسنته -صلى الله عليه وسلم-.وهيا بنا أيها الحبيب نسير خلف رسولنا؛ فإنه قائدنا إلى جنة عرضها السموات والأرض.