رام الله ـ احمد رمضان
ووكالات
خلافاً للاعلانات المتتالية التي درجت على ألسنة عدد من قيادات حركة "حماس" وغيرها من الفصائل في قطاع غزة ودمشق بأنها غير معنية بوقف اطلاق النار الذي اعلنه من جانب واحد رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت مساء اول من امس، اعلن كل من القيادي في حركة "حماس" في قطاع غزة ايمن طه ومن دمشق نائب رئيس مكتبها السياسي موسى ابو مرزوق باسم "الفصائل الفلسطينية"، قبول وقف اطلاق النار لمدة اسبوع كمهلة كي تقوم اسرائيل بسحب قواتها.
وبث التلفزيون السوري إعلان أبو مرزوق وقف الفصائل الفلسطينية إطلاق النار في القطاع، في بيان تضمن مطالب المقاومة التي تتمثل في انسحاب القوات الاسرائيلية خلال أسبوع وفتح جميع المعابر والممرات لدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والحاجات اللازمة.
وقال أبو مرزوق "نحن مستعدون للتجاوب مع أي جهود ولا سيما الجهود المصرية والتركية والسورية والقطرية للوصول إلى اتفاق محدد يلبي مطالبنا المعروفة".
وجاء قبول قادة "حماس" في دمشق بوقف لاطلاق النار لاسبوع، بعيد لقاء بين الامين العام للامم المتحدة بان كي مون والرئيس السوري بشار الاسد الذي ابلغه ضرورة تزامن وقف النار في غزة مع انسحاب اسرائيل من كل القطاع، في موقف مطابق لما اعلنته ايران على لسان وزير خارجيتها منوشهر متكي.
فيما اعلن الرئيس السوري بشار الاسد خلال استقباله الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاحد في دمشق ضرورة تزامن وقف اطلاق النار في غزة مع انسحاب القوات الاسرائيلية من القطاع ورفع الحصار وفتح المعابر. ومع وقف اطلاق النار من جانب اسرائيل في قطاع غزة بعد 22 يوماً من الموت والدمار الذي نشرته قوات الغزو الاسرائيلي تبين حجم الكارثة التي حلت في قطاع غزة من بيت حانون شمالاً وحتى رفح جنوباً، اذ بدا وكأن زلزالا حقيقيا على أعلى درجات سلم ريختر ضرب القطاع المنكوب فاطاح، وبضربة واحدة، مبانيه وشوارعه وبنيته التحتية وقبل ذلك بأهله، حيث انتشل امس الدفعة الاولى من الشهداء وعددهم 95 من تحت انقاض المباني المدمرة، وقدر مكتب الاحصاء الفلسطيني حصيلة اولية لحجم الخسائر المادية بنحو 2 ملياري دولار.
في غضون ذلك ، وبعد مرور ساعات على وقف اطلاق النار، قطعته رشقات من الصواريخ الفلسطينية التي سقطت في اماكن من الجنوب الاسرائيلي، وردت عليه اسرائيل بقصف ما قالت انه لمنصات صواريخ، ظهرت هشاشة وقف اطلاق النار واحتمال ان ينفجر الوضع مرة اخرى في أي لحظة وتحت أي ذريعة، وهو يجعل ملحا بضرورة استمرار المساعي لا سيما المصرية للتوصل لوقف اطلاق نار متفق عليه في اطار صفقة كاملة تشمل المعابر وفك الحصار، والعودة الى طاولة الحوار الوطني الفلسطيني وانهاء حال الانقسام التي كانت احد الاسباب التي شجعت اسرائيل على تنفيذ عدوانها .
في هذا السياق، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس امس ان وقف اطلاق النار الذي اعلنته اسرائيل من جانب واحد "مهم وضروري ولكنه غير كاف"، مطالبا بـ"انسحاب اسرائيلي كامل من قطاع غزة وبفك الحصار وفتح المعابر".
من جهة اخرى، أعلن المدير العام للإسعاف والطوارئ الدكتور معاوية حسنين إن الفرق الطبية انتشلت 95 جثة معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، وسط توقعات بالعثور على مزيد من الشهداء تحت الأنقاض.
وعثرت الطواقم الطبية على جثث حوصر أصحابها في منازلهم أو تركوا ينزفون في الشوارع وتعرضت للتآكل بعد أن هاجمتها الكلاب الضالة، وخاصة في مناطق جبل الكاشف وجبل الريس وشرق جباليا وعزبة عبد ربه والعطاطرة والسلاطين والفخاري في شمال وشمال غرب القطاع.
وفي حي الزيتون شرق مدينة غزة، قال حسنين إن الطواقم الطبية عثرت على عدد كبير من جثث أبناء عائلة السموني التي فقدت ما لا يقل عن 30 شهيدا وعشرات الجرحى.
و كان أكثر من 110 من أفراد العائلة قد لجأوا إلى منزل واحد هربا من القصف على منازلهم الأخرى، فأغارت الطائرات عليهم ما أدى إلى سقوط نحو 30 شهيدا، فيما أعلن عدد آخر في عداد الشهداء بسبب عدم تمكن الطواقم الطبية من العثور عليهم.
ومع استمرار العثور على جثث شهداء تحت الأنقاض يرتفع عدد شهداء الحرب الإسرائيلية التي بدأت في السابع والعشرين من شهر كانون الأول على قطاع غزة إلى أكثر من 1300 شهيد بينهم ما لا يقل عن 410 اطفال، و108 نساء و108 مسنين وخمسة صحفيين وخمسة أجانب و15 طبيبا ومسعفا، دون احتساب عدد الأطفال والنساء من الجثث التي تم انتشالها صباحا.
من جهته، دعا جيش الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين الذين تركوا منازلهم عقب العملية العسكرية على قطاع غزة إلى عدم العودة إليها بعد إعلان إسرائيل عن وقف أحادى الجانب لإطلاق النار.
وذكرت صحيفة "يديعوت احرنوت" الإسرائيلية في عددها الصادر امس أن الجيش أوصى هؤلاء السكان خاصة الذين يقطنون في مناطق تطلق منها الصواريخ نحو إسرائيل بعدم العودة في هذه المرحلة إلى منازلهم مبررا ذلك بالقول "إن هناك خشية من تجدد القتال بين قواته والمسلحين الفلسطينيين".
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت أعلن قبيل منتصف الليلة قبل الماضية عن وقف إطلاق النار من جانب واحد بدأ سريانه فجر امس.
وافاد شهود ان الدبابات الاسرائيلية التي تمركزت قبل اسبوعين على الطريق الساحلي بين مدينة غزة ووسط القطاع تراجعت ظهرا واعادت تموضعها في المنطقة الشرقية لمستوطنة نتساريم السابقة جنوب القطاع.
وواصلت فصائل المقاومة إطلاق القذائف الصاروخية وقذائف الهاون على النقب الغربي والتصدي لجنود الاحتلال داخل القطاع.
وأعلنت مصادر إسرائيلية سقوط سبعة قذائف صاروخية محلية الصنع، و3 قذائف هاون، في النقب الغربي، أطلقت من قطاع غزة. وقالت مصادر إسرائيلية إن قذيفة صاروخية أصابت منزلا سكنيا خاليا ولحق به أضرار جسيمة، وسقط صاروخان في مزرعتين للدواجن وألحقا بهما أضرار كبيرة.
وبعد الظهر، اطلق صاروخان من قطاع غزة على جنوب اسرائيل من دون ان يسفرا عن اصابات.
وقال المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفلد "اصاب صاروخ قطاع مدينة نتيفوت وصاروخ اخر قرية في جنوب اسرائيل".
وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، في جلسة الحكومة صباح امس الحديث عن إنجازات الحرب على غزة، معربا عن أمله في توقف إطلاق النار، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن إسرائيل سترد بحزم على الهجمات الفلسطينية.
ووصف وقف إطلاق النار بأنه "هش" مهددا بالرد بقوة على هجمات من وصفهم بتنظيمات إرهابية. وأثنى أولمرت على الدور المصري، وعلى دور الولايات المتحدة الداعمة للحرب ولدعمها لحق إسرائيل في الرد.
وأثنى على الجهود المصرية مشيرا إلى أن كونها أيدت التفاهمات التي بموجبها أوقفت إسرائيل إطلاق النار في قطاع غزة مع إبقاء الجيش هناك، هو تعبير عن التصميم، الذي نأمل أن يترجم إلى مساعي لمنع تهريب السلاح.
وباشرت القوات الاسرائيلية أمس الاحد انسحابا تدريجيا من قطاع غزة بعد دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ وبعد ساعات من اعلان اسرائيل وقف عملياتها من جانب واحد. وقالت متحدثة عسكرية "يمكنني ان اؤكد ان هناك انسحابا تدريجيا للجيش من قطاع غزة".
بان والأسد
وزار الامين العام للامم المتحدة بان كي مون امس دشمق لساعات قبل ان يتوجه الى شرم الشيخ للمشاركة في قمة شرم الشيخ الدولية حول غزة. والتقى بان الرئيس السوري بشار الاسد. ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن الاسد خلال لقائه بان تأكيده "ضرورة ان يتزامن وقف اطلاق النار في قطاع غزة مع انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من كامل القطاع ورفع الحصار نهائيا وفتح كافة المعابر بما يضمن توفير الاحتياجات الاساسية للشعب الفلسطيني".
وشدد الاسد على "اهمية تضافر الجهود الدولية من اجل ايصال مساعدات انسانية عاجلة واعادة الاعمار في قطاع غزة".
وبحسب "سانا"، فان الامين العام للامم المتحدة الذي غادر دمشق الى شرم الشيخ، "اطلع الرئيس الاسد على اللقاء الذي سيحضره اليوم في شرم الشيخ واهداف هذا اللقاء".
وبحسب الوكالة السورية، فقد عبر الامين العام للامم المتحدة "عن تقديره للدور الايجابي المهم الذي تقوم به سوريا في المنطقة"، مؤكدا "التزامه بالقيام بكل ما هو ممكن من اجل إحلال السلام في الشرق الاوسط وفق القرارات الدولية ذات الصلة ومبدأ الارض مقابل السلام".
ردود فعل
وطالبت ايران بانسحاب القوات الاسرائيلية من غزة. وقال وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي في بيان ان ايران تطالب برحيل القوات الاسرائيلية عن غزة، معتبرا ان وقف اطلاق النار الذي اعلنته اسرائيل وحده ليس كافيا. واوضح "ان وقف الهجمات (الاسرائيلية) فقط من دون رحيل قواتها من المواقع التي احتلتها ليس كافيا لوضع حد للهجمات ومن الضروري ان تغادر قوات هذا النظام المناطق التي احتلتها في غزة".
و دعت الرئاسة التشيكية للاتحاد الاوروبي حركة "حماس" الى "الانضمام فورا ومن دون شرط الى وقف اطلاق النار" الذي اعلنته اسرائيل من جانب واحد، واسرائيل إلى "اعادة فتح نقاط العبور مع غزة بشكل فوري وكامل".
ورحبت المفوضية الاوروبية بوقف اطلاق النار الذي اعلنته اسرائيل من جانب واحد ليلا في قطاع غزة واعتبرته "ضروريا" لكنها شددت على ان الاولوية هي التوصل الى "سلام دائم".
وقالت مفوضة العلاقات الخارجية بنيتا فيريرو فالدنر في بيان "كان من الضروري حصول وقف لاطلاق النار". لكن "اولويتنا هي (التوصل) الى سلام دائم" كما قالت مضيفة "آمل ان نرى قريبا فتح المعابر الى غزة بشكل طبيعي وانسحاب جميع القوات الاسرائيلية من قطاع غزة".
ودعا البابا بنديكتوس السادس عشر الى دعم الجهود التي يبذلها اولئك "الذين يحاولون وقف المأساة" في غزة.
وفي واشنطن، اعلنت بروك أندرسون الناطقة باسم الرئيس الاميركي المنتخب باراك أوباما، ان هذا الاخير "يرحب بوقف إطلاق النار الذي أعلنته إسرائيل في قطاع غزة وهو ملتزم مساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين في العمل من أجل إحلال السلام".
وتابعت في بيان أن "أوباما سيصرح بالمزيد بخصوص الوضع في غزة بعد أن يتولى مهام منصبه" كرئيس للولايات المتحدة الثلاثاء.
الإثنين يناير 19, 2009 11:31 am
